
الإنسان متحيز بالفطرة
لما أكون في سيارتي فغالبا ما أستمع إلى إذاعة القرآن الكريم من المملكة العربية السعودية، وأستعذب التلاوات التي تقدمها هذه الإذاعة المباركة.
منذ أيام ما أن شغلت الإذاعة حتى وجدتها تعيد خطبة الجمعة من المسجد الحرام، فإذا الخطيب يكاد يجعل معظم الخطبة في رفع أسمى آيات الشكر والتقدير لولي الأمر وولي عهده وهات لك مديح وثناء وووو .
أعترف أنه عصبني وأسفت على أعظم منبر في العالم كيف تحول من منبر لله إلى منبر لمحمد بن سلمان، وكان ذهني يتخيل الخطباء في العالم الإسلامي أيام عمر بن الخطاب وهم يدعون الناس إلى الله ويبينون لهم معالم الإسلام وشرائعه العظيمة ويذكرونهم بالآخرة ويرسمون لهم خارطة النجاة، وما أحسب خطيبا منهم ذكر عمر أو أشاد بأعماله العظيمة، فقد كانت المساجد يومها مساجد الله قبل أن يؤممها المستبدون.
لقد شعرت بالأسف والأسى والامتعاظ من هذا الخطيب الذي ضيع الأمانة وباع دينه برواتب ومخصصات ودنيا زائلة....
وطبعا من خلال صوت الخطيب ما أستطعت أنأعرف من هو .
المهم
أكمل الخطيب خطبته ونزل يصلي بالناس فإذا هو الشيخ عبد الله الجهني
ولأني أحب هذا الشيخ وجدتني لا شعوريا ألتمس له المعاذير فأقول: وما عسى الشيخ يملك من قوة تحميه من بطش الحاكم ولا شك أنه مكره، ولعله ينتظر الفرج فيحني رأسه للعاصفة حتى تمر، ولعله يسدد ويقارب ويهدف إلى تحقيق بعض المصالح وتخفيف المفاسد، وقد كان بعض علماء السلف يتحاشون الصدام بالحكام الطائشين وينتظرون بهم الدوائر، فقد لاين الشافعي وابن معين وعلي بن المديني وغيرهم الخليفة المأمون والمعتصم والواثق في فتنة خلق القرآن حتى أهلكهم الله وجاء بغيرهم. وووو
ووجدت نفسي ألتمس للشيخ الجهني قائمة كبيرة من المعاذير، وأرى وجهه الوضيء الطيب يبرز في مخيلتي.
الشاهد
أن المرء مهما حاول التجرد والموضوعية والانصاف فإن للمشاعر حكمها ورأيها.
من نحبهم لا نرى معائبهم مهما كانت ومن نبغضهم تطل لنا مساوئهم وتغيب عنا حسناتهم، وهذا شيء مجرب في حياة كل إنسان.
وعين الرضا عن كل عيب كليلة
كما أن عين السخط تبدي المساوئا
وإذا الحبيب أتى بذنب واحد
جاءت محاسنه بألف شفيع .
أبو زين ناصر الوليدي

- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها